الاثنين، 15 فبراير 2010

المخرج عبد الرحمن أحمد سالم يتحدث للأ خبار

أحمد طوطو يتحدث للأخبار عن نصف قرن من السينما في موريتانيا (ج 1)المشاركة

01 يناير، 2009، الساعة 03:04 صباحاً

المخرج عبد الرحمن ولد أحمد سالم أثناء حديثه للأخبار



لا يكتسب الحديث مع الفنان القدير عبد الرحمن ولد أحمد سالم الملقب أحمد طوطو أهميته من كونه أحد أفضل المخرجين والممثلين الذي عرفتهم الساحة السينمائية والمسرحية في موريتانيا فقط ؛ بل لأنه استطاع في ظرف وجيز أن يقوم بأدوار كبيرة، في تطوير السينما الموريتانية والحفاظ على التراث السمعي البصري الموريتاني في وقت تختلت عنه الدولة في شتى مراحلها.

وخلال حديث طويل ومشوق مع وكالة أنباء الأخبار المستقلة فتح الفنان عبد الرحمن ولد أحمد سالم لنا صدره ودفاتر مذكراته، وروى لنا تاريخ النشأة الأولى للسينما في موريتانيا ومراحل تطورها وتدهورها، وآمال أصحابها وعوائق إنتاجها.

حدثنا عن تقييم عدد من التجارب السينمائية وعن ما وصل إليه الفن التمثيلي في موريتانيا وعن ضغوط السلطة، وتهميش المثقفين.

وتناول الحوار الذي أردنا منه أن يكون مقابلة توثيقية لتاريخ السينما في موريتانيا تجربة دار السينمائيين الموريتانيين ورصد خطواتها الأولى نحو العالمية.

وختم الحديث الذي سينشر في حلقتين بأسئلة عن شخصية المخرج الكبير أحمد طوطو وسر اختياره هذا الاسم وأكثر الأفلام التي أثرت فيه وأهم الروايات التي أثرت المخلية السينمائية له أو التي يتمنى أن يحولها يوما إلى فيلم.

فإلى نص الحوار:

عبد الرحمن ولد أحمد سالم (الملقب أحمد طوطو): هو أحد أبناء هذا البلد الذين لم يتربوا بملاعق ذهبية. ولدت في وسط محضري تقليدي جدا جدا وتربيت في وسط شعبي " الكبة " ودرست كابن من أبناء الحي تلك المتون التقليدية الأدبية والفقهية والنحوية ، والتحقت متأخرا بالمدرسة التعليمية في سن متأخرة مع أطفال الحي في مدرسة "معطى مولانه" ، قضيت سنتين في الابتدائية السنة الثالثة والسنة السادسة وثلاث سنوات في الإعدادية وثلاث سنوات أو سنتين أو بعضا من سنتين في الثانوية وتسربت كما تقول وزارة التهذيب الوطني في مرحلة الباكالوريا ؛ إذ أني لم أرغب أصلا في دخول المدرسة ، وعندما دخلتها لم أجد ما هو مشوق، وبدأت مرحلة أخرى من حياتي ، شغفت بالمعلوماتية ، شغفت بالفن بصورة عامة ، وبداية التحقت بأصدقائي وأسست معهم الاتحاد الوطني للمسرح أو الرابطة الوطنية لتمثيل المسرح آنذاك ، ثم فرقة مسرح شنقيط ، ثم جريدة أشطاري ، وكانت كلها بحثا عن الذات، بحثا عن نوع من الحرية ، عن فضاء يسمح أن ألتقي بالآخر ، أن أقدم ذاتي للآخر ، أن أقدم رؤية ربما ليست مميزة ولكنها رؤية مغايرة لما يمكن أن يكون عليه التعايش السلمي طبعا.

أنا مزيج من البعثية والناصرية والشيوعية والتجانية، ومزيج لحي شعبي في الكبة هو خليط من البولار والوولف والسونينك والبيظان ولحراطين، مزيج من الزوايا والطلبة، وأزناقه.

هذه المراحل كلها مراحل أبحث فيها عن وسيلة أصل بها إلى الآخر، أقترب منه أو أساعده في التقرب مني، لكنني فهمت متأخرا أن أيام حبي للسينما وأنا صبي في السادسة أو السابعة من عمري، حيث كنت شغوفا بسينما السعادة، وسينما المنى، وسينما الوازيس وسينما الأنصار، وكنت أتابع الأفلام الهندية، والفنية ولا أفهمها ولكن أحبها جدا..

فهمت متأخرا أن هذا الحب هو ما ترجمته الآن بهذه التجربة في إدارة السينما، باستخدام الصورة للتقرب من الآخر والتعرف عليه، لأن الصورة تبقى هي أهم أو أكبر الوجوه الفنية في السيطرة على المتلقي وفي التقرب منه، دون التعرض لحاجز اللغة.

الأخبار: نود من خلال هذه المقابلة كما قلنا لكم أن تكون توثيقية بالدرجة الأولى.. لذلك نريد معرفة المراحل الأولى لنشأة السينما الموريتانية؟

عبد الرحمان ولد أحمد سالم (الملقب أحمد طوطو): كنت دائما أقول إني أفضل عبارة السينما في موريتانيا بدل السينما الموريتانية ، فنحن لم نصل بعد مرحلة السينما الموريتانية ولكن المحاولات موجودة.





همام فال الأب المؤسس للسينما والمسرح في موريتانيا (من أرشيف الفنان بون ولد أميدة)



مرت السينما في موريتانيا بثلاث مراحل:

المرحلة الأولى: بدأت مع المرحوم همام فال ومحمد السالك أيام كان البلد يعيش ظاهرة ما يسمى "وتة أهل لخلا" في المجتمع التقليدي؛ وهي عبارة عن سيارات كانت تطوف البلد بأفلام فرنسية أساسا، ولكن المجتمع البدوي آنذاك سماها سيارة "أهل لخلا"- أي الشياطين -لأنه لم يستطع أن يعرف كيف يمكن أن نرى صورة ملونة لأشخاص وهم يتكلمون.

كان هذا نهاية الخمسينات بين 1957-1958 وظهر حينها رجل فرنسي يسمى "غوميز" وأسس مع بداية الاستقلال دورا للعرض السينمائي في موريتانيا، لكن سرعان ما باعها للمرحوم همام فال، طبعا بمساعدة من المرحوم الرئيس المختار ولد داداه، وحاول همام إنتاج صور لموريتانيا تتحدث عن واقعها، فأنتج ذلك بالتعامل مع المرحوم محمد السالك، وقد أنتجا أفلاما مهمة مثل ترجيب فاكانس، وبدوي في الحوض ، وشغف الموريتانيون جدا آنذاك بتلك الأفلام ، وخصوصا أن المختار ولد داداه نفسه كان يحضر تلك العروض، وحتى عروض الكيكيوطية للمرحوم همام فال، وكان هناك مقاعد مخصصة في سينما المنى للرئيس الراحل والسيدة حرمة مريم داداه، فهذه هي مرحلة التأسيس الأولى للسينما والظهور الأول لها في موريتانيا، ولكنها في هذا المرحلة تميزت بالبث فقط ولم تتميز بالإنتاج، حيث إنه في تلك المرحلة لا يوجد تلفزيون، فكانت شركة كومو وشركة لينا في فرنسا تتوليان تصوير الأحداث السياسية وبثها في قاعات عرض سينمائية، كوسيلة للإعلام، وهو ما يسمى السينما الإخبارية. وهي المصدر الوحيد حاليا للتراث السمعي البصري في موريتانيا، هذه المرحلة شهدت أول ظهور للسينما العربية في موريتانيا كفيلم قيس وليلي، حرب التحرير، ولكن السينما سرعان ما تخلت عنها الدولة وتخلت عن جانب التنمية وجانب الرعاية وبدأت دور العرض تعرض أفلاما رخيصة لعاملين أساسيين أولا لا تلكف الكثير بالنسبة للموزعين إلا أنها مرغوب فيها من طرف شريحة كبيرة من الشباب فبدأت تتدني مستويات هذه الأفلام لدرجة أننا وصلنا في مرحلة معينة إلى انه لا يمكن ان تزور قاعة عرض إلا وأن تجد 90% من الأفلام المعروضة أفلاما جنسية خليعة، فالموريتاني بطبيعته حتى ولو كان مهووسا بالجنس، إلا أنه لا يقبل أن يشاهد فيلما مع طفل تفصله عنه ثلاثون سنة أو أربعون سنة، بالإضافة إلى أن الموريتاني لم ير ذاته في السينما، ولم يكتشف بعد التلفزيون ليجد ذاته، فبدأ هنالك نوع من النفور عن هذا النوع من قنوات العرض، بالإضافة إلى الظاهرة الدولية من اختفاء دور السينما مع وجود الفيديو والدي في دي.

هذه المرحلة واكبها جيل من الشباب الموريتانيين ، ذهب لدراسة السينما في الخارج مثل محمد هندو ، وسيدنا سوخنا وعبد الرحمن سيساغو، هذا الجيل لم يعد إلى بلده نتيجة ظروف سياسية وأمنية، ونظرا لما يتطلبه الإنتاج السينمائي من مؤسسات عملاقة ؛ فقد ظل هذا الجيل بسينما مهاجرة، في أوروبا وخاصة فرنسا حيث معظم الفنانين فيها يحملون هموم المهاجر الإفريقي فكانت السينما والمسرح والفن التشكيلي كلها تحمل هم هذه القضية.

فبقي محمد هندو في باريس أخرج عددا من الأفلام السينمائية، وعمل مدبلجا لصوت الممثل الأميريكي المشهور "أدي ميرفي" ، وأخرج سيدنا سوخنا فيلمه المشهور "الجنسية المهاجرة" ، وفي نهاية ظهور هذا الجيل ظهر شاب جديد هو عبد الرحمن سيساقو ، ذهب مع زملائه إلى روسيا ، ودرس في أحد أرقى معاهد السينما فيها ، حين كانت روسيا في أوج ازدهارها قبل انتهاء الحرب الباردة .



الرئيس الأسبق معااوية ولد الطايع مع المخرج الكبير عبد الرحمن سيساكو (من أرشيف دار السينمائيين الموريتانيين)



ولكنه عندما تخرج لم يعد إلى بلده نتيجة ظروف سياسية وأمنية، فالفن يحتاج مساحة كبيرة من الحرية ، وكثيرا من المستلزمات ؛ فبقي في فرنسا ، وأسس مؤسسة "شنقيط فيلم" ، وبدأ ينتج أفلامه لنفسه، وقع هذا بين فترتين ، بداية الستينات ونهاية السبعينات كبداية لظهور السينما واختفائها، ومن نهاية السبعينيات وحتى نهاية الثمانينات ظهر الجيل الجديد الذي يمثله عبد الرحمن سيدي سيساغو ، كريم ولد أحمد بابا مسكه ، والشيخ فال وغيرهم.

هذه المرحلة تميزت بشيئين غيرا تاريخ السينما في موريتانيا، الشيء الأول هو التلفزيون والموريتانيون يحبون السهل والتلفزيون أسهل من السينما والموريتانيون لا يحبون الفرح الجماعي فليست في ثقافتهم متعة الفرحة الجماعية، والتلفزيون شخصي جدا، ساعد هذا على اختفاء قاعات العرض.

العامل الثاني كما قلت، هو تخلي الدولة عن دورها حين قررت أن تسمي المشرفين على السينما بلجنة مراقبة الأفلام فبدل أن تسميها لجنة ترقية السينما فكانت هذه اللجنة مكونة من ضابط شرطة ومسؤول الهياكل والحاكم وأناس بعيدين كل البعد عن الفن والسينما، بالإضافة إلى أنه في تلك المرحلة ظهرت أشكال أخرى من المتعة لدى الموريتانيين خصوصا لدى الشباب مع ظهور المسرح على احتشام وظهور الأوبيرا الأغاني الشبابية والجماعية.

وبدأ النظام السياسي آنذاك ينتج ثقافته ويفصلها على مقاسه والتي يمكنه أن يسيرها بشكل محكم، هذه تأريخيا أهم المراحل التي عرفتها السينما أما المشاكل المطروحة لها فأظن أنها تتمثل في ثلاثة عوامل:

العامل الأول: الغياب التام لوسيط بين الفنانين العاملين في القطاع السينمائي والدولة، هذا الوسيط يفترض أن يكون وزارة الثقافة لكنها وزارة للأسف الشديد لا يوجد فيها أي مختص سواء في الموسيقى أو الغناء أو المسرح، أو في الفن التشكيلي، فهم إما أساتذة فلسفة أو أساتذة تاريخ أو تخصصات أخرى، نحترم لهم مكانتهم لكن للأسف مكانهم ليس وزارة الثقافة.

إذن، هذه الوزارة كان من المفترض أن تتلقف هذه المواهب وهذا العطاء والثورة، وتضعها في إطار قابل لأن يتواصل وينمو وقابل لأن يخرج من محيطه المحلي ويتعانق مع الآخر.

العامل الثاني: هو ظاهرة دولية، فالسينما في أعرق البلدان بدأت تختفي كفرحة، نظرا لتكاليف قاعات العرض واختفاء البوبنات القديمة التقليدية وظهور "الدي في دي" و"النمريك" إلى آخره.

العامل الثالث هو:

النظام السياسي الذي يريد أن يفصل الثقافة على مقاسه، أن يفصل العطاء الفني على رغبته، أن يخدمه في كل مراحله، سواء في مراحل ضعفه وقوته، والأمثلة في المسرح كثيرة، الأمثلة في الأغاني كثيرة ، والأمثلة حتى في الشعر كثيرة، وأظن أن هذه المرحلة ستكون طويلة لأن القائمين على الهم الثقافي غير واعين بخطورة المسألة ؛ فهم ينجرفون بسرعة وراء هذا التيار، وليسوا في مرحلة من النضج تحمي ما ينتج عن هذا المجرى.

المسألة الثانية أن النظام الموريتاني ليس نظاما يتغير بتغير الرجالات فهو نظام مؤسسة ونظام مجتمع، فهذا المجتمع هو من يفرز الطبقة الحاكمة، سواء طبقة الستينات أو السبعينات او السبعينات فهي إفراز من هذا المجتمع، فالخلل في المجتمع ذاته ؛ فهو لا يريد ما يخدشه، لا يريد ما يقدم رأيا مخالفا، والفن إذا لم يقدم رأيا مخالفا فهو ليس فنا إذ هو جهاز يلتقط الصورة فقط، فالفن إذا لم يستطع أن يثير نقاشا أو يغضب في بعض الحالات ويرضى في بعض الحالات فهو عقيم ولا فائدة فيه، وهذا طبعا ما ترغب فيه الطبقة السياسية كأكبر نتيجة لإفراز المجتمع.

الأخبار: في السنوات العشر الأخيرة ظهر مزيج من الفن لا هو مسرحي خالص، ولا هو سينمائي محترف، أين تصنفون هذا النوع ؟

عبد الرحمن ولد أحمد سالم: الإبداع بشكل عام لا يمكن أن يخضع لقاعدة حسابية، لكن هذا النوع ظهر خلال السنوات الماضية واعتمد بشكل كبير في القنوات الأجنبية مثل السي بي أس في أم بي سي وهو عمل تلفزيوني وليس سينمائيا ولا مسرحيا ويمزج بين شكل النشرة الإخبارية وبين التمثيل، فبدل أن تقدم عناصر من الواقع تقدم عناصر ممثلة.

وهذا النوع من العمل جاء في ظروف خاصة على الأقل "شي إلوح إف شي" لأن "ويل أمك يالوراني" للأسف الشديد لم يكن في مستوى "شي إلوح إفشي" في المراحل اللاحقة ف"شي إلوح إفشي" جاء في مرحلة استغرب معظم الناس كيف أننا في قمة الديكتاتورية استطاع التلفزيون أن يظهر هذا البرنامج.

الأخبار(مقاطعا) هل كان بطلب من التلفزيون؟

عبد الرحمن ولد أحمد سالم: لم يأت بطلب من التلفزيون في شكله وإنما جاء كفكرة مبدعة من طرف أخي وصديقي أحمد ولد محمد الأمين الذي تخرج أيامها من روسيا، لكن هذا البرنامج جاء ليخدم جناحين ، المجتمع المكبوت ليعطيه فرصة التحدث بصوت عال، وجاء ليخدم النظام السياسي ليغطي على ذلك الكبت، وعلى تلك المصادرة، والاستفادة كانت لكلا الطرفين.

الأخبار: هل ما زال هذا النوع من البرامج يحمل نفس الرسالة التي انطلق بها برنامج شي إلوح في شي؟

عبد الرحمن ولد أحمد سالم (الملقب أحمد طوطو): بالتأكيد لا، كان ويل أمك يالوراني في بدايته محاولة لإعادة شي إلوح في شي، بطريقة شبه أنظف، شكلا وأقوى مضمونا، في حلقاته الأولى كان جيدا ، وكان يتمتع بحرية كبيرة، ولكن في مرحلة من مرحلة من المراحل، - وأتحدث هنا عن الرأي الفني- أصبحت هذه الحرية أقل بكثير من الحرية المتوفرة في القنوات الأخرى الإذاعة والتلفزيون، أصبح البرنامج يكرر نفسه وطغت المادة السياسية والطرح الأكاديمي على مواضيعه، أظن أنني حينها طلبت من زملائي اللجوء إلى القاعدة، للتحدث عن أمور العامة ولم أجد آذانا صاغية، وفي مرحلة من المراحل بدأ البرنامج يحاول أن يمثل أشخاصا معينين، أو اعتقادات معينة، وفي إحدى الحلقات كان مقررا أن نتحدث عن مشكلة نواكشوط والأسعار فيه والدخان إلى آخر ذلك، ولكي نتحدث عن مشكلة نواكشوط، اقترح المخرج أحمد ولد محمد الأمين، أن نقدم هذا المشكل في شكل عنصر لمجموعة من الدعاة خارجة من نواكشوط وتلتقي بشخص خارج المدينة، ونقول له مثلا نواكشوط لم تعد صالحة للسكن، إلى آخره، وأن نلبس لباس جماعة الدعوة والتبليغ ونحمل معداتهم، فقلت لصديقي أظن أن العنصر جيد وأن الموضوع مهم ولكن لباسه الفني ربما يسيء إلى عقيدة جماعة معينة، لست طبعا أشاركهم معتقداتهم لكني أحترمها لهم، وأصررت على مسألتي العرق والعقيدة أن لا تمسا، وكانت هذه قاصمة الظهر.

الأخبار: كيف ترى العنصر الأخير الذي أثار جدلا حول تمثيل الرئيس الموريتاني المعزول؟

عبد الرحمن ولد أحمد سالم (الملقب أحمد طوطو) : هذا البرنامج وصل في مراحله الأخيرة إلى أن بدأ يمس الأشخاص ثم وصل مرحلة ما قبل الأخيرة مرحلة ميلانج إلى نوع من ارتباك التعاطي مع ما هو واقع هل يتعاطى مع مطلب رسمي أم يتعاطى مع مطلب شعبي.

لكن ما ظهر في العنصر الأخير -للأسف الشديد- الذي قدم عن سيدي ولد الشيخ عبد الله، ينم عن كثير من إفلاس الأخلاق ، أنا لست مع سيدي ولا مع أحمد ولد داداه ولست مع ولد عبد العزيز، ولا مع أحد، ولكن للأسف الشديد هذا نوع من الإفلاس الثقافي والأخلاقي، والابتعاد عن الأخلاق البدوية العريقة، والأخلاق الإسلامية، وعدم احترام الأمثلة المشهورة التي كونت ثقافتنا حين نطالب بأن نرحم عزيز قوم ذل، وأن نحترم الكبير.

كما أن هذا العنصر ليس موضوعا يفتح حوارا، وأي عمل فني حين لا يستطيع في نهايته أن يثير حوارا فهو ليس عملا فنيا، وحين ينتهي المشاهد من رؤيته ولا يطرح إشارة استفهام، أو حين يتخذ موقفا واضحا، معناه أن العمل تجريبي، ومتأسف جدا لأننا وصلنا هذه المرحلة، ومتأسف أكثر لأن التلفزيون واصل بثه، أحترم الأشخاص الذين مثلوا فيه لكن لا أحترم هذا الرأي وهذا العمل.

ولكني أجد لهم عذرا كالعذر الذي أجده لكل الموريتانيين، حين يستعجلون، ولا يدركون أن الزمن قادر على تغيير كل شيء، نستعجل كثيرا ربما حين نتخذ مواقف تسيء إلى الآخرين، لكنها أيضا تسيء إلينا.

هناك تعليق واحد: