الاثنين، 15 فبراير 2010

تاريخ السينما الموريتانية

سيارة العفاريت".. هذا هو الاسم الذي أطلقه الموريتانيون أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي على الشاحنة التي جاء بها المستعمر الفرنسي، من أجل تقديم عروض سينمائية لساكنة موريتانيا الرحالة، "سيارة العفاريت" تعبير من الموريتانيين عن دهشتهم أمام هذا الستار الأبيض، الذي تتراقص عليه خيالات بشر وحيوانات لم يسعفهم فكرهم المنغلق آنئذ على فهمها إلا في إطار الماورائيات، وكان الجن هو التفسير المنطقي الوحيد.. الآن تتشظى العدسة الموريتانية بين مبدعين درسوا أصول السينما في كبريات المعاهد العالمية، وصنعوا أفلاما موريتانية بمقاييس عالمية، ونالوا أكبر الجوائز والميدالية، لكنهم مبدعون في المهجر.. وبين شباب يمتطي الهواية وحب الصورة من أجل صناعة سينما محلية يمكن ذات يوم أن تلتحم بتلك السينما المهاجرة لبلورة ما يمكن أن يطلق عليه السينما الموريتانية.








شيء من التاريخ:


البداية كانت من الداخل
كان الفرنسي "غميز" هو أول من حمل الشاشة الكبيرة إلى موريتانيا بداية ستينيات القرن الماضي، فقد افتتح دورا للعرض في العاصمة نواكشوط وبعض مدن الداخل، تلك الدور التي آلت ملكيتها إلى أول موريتاني يحمل هم السينما في البلد وهو الشاعر ورجل الأعمال همام أفال، الذي اشتراها و أضاف إليها أخريات، حتى بلغ عدد دور العرض السينمائية التي يمتلكها 11 دارا في العاصمة نواكشوط، التي كان تعداد ساكنتها حوالي 400.000 نسمة، وقد أضاف أفال إلى التوزيع مهمة الإنتاج وهكذا أنتج ثلاث تسجيلات سينمائية هي "تيرجيت"، "ميمونة" و"بدوي في الحضر"، تلك الثلاثية التي تعتبر اللبنة الأولى للسينما الموريتانية والتي رغم خلوها من بعض فنيات الصناعة السينمائية إلا أنها اعتبرت في زمنها طفرة تستحق الذكر.


بوفاة همام أفال والجيل الذي أسس معه هذا الحلم السينمائي دخلت السينما الموريتانية مرحلة سبات غريب الأطوار عصف بدور العرض واحدة بعد أخرى.. فمع بداية الثمانينات تأسس التلفزيون الموريتاني الذي استرعى انتباه جمهور الصالات السينمائية كما بدأت ظاهرة محلات الفيديو في الأحياء التي تعرض نفس الأفلام التي تعرضها القاعات بأسعار زهيدة وبين منازل الجميع دون أن يجدوا حاجة إلى الانتقال إلى دور العرض؛ هذا فضلا عن ضعف الرقابة على ملاك دور العرض ومسيريها الذين بدؤوا في لي عنق القانون وتقديم رشاوي للمشرفين على الوكالة الموريتانية للسينما من اجل استجلاب أفلام رخيصة وخارجة على الذوق العالم للمجتمع الموريتاني المحافظ، حتى وصل بهم الأمر إلى عرض أفلام إباحية فاضحة، وكانت تلك هي قاصمة الظهر فقد توقفت العوائل عن زيارة دور العرض، واقتصر الجمهور على المراهقين وأطفال الشوارع، وشيئا فشيئا توقفت صالات السينما، وتحول أغلبها إلى مخازن تجارية بينما تحول البعض الآخر إلى قاعات لحفلات الزفاف، وآخر هذه الدور صمودا تستخدم الآن في عرض مباريات كرة القدم. وجاءت ثورة الاتصالات لتزيد بعد الجمهور الموريتاني عن دور العرض خصوصا بعد انتشار الفضائيات في كل بيت وعلى كل كوخ فمعلوم أن المجتمع الموريتاني مجتمع مستهلك للصورة بدرجة كبيرة، يكفي مثالا أن أجهزة التلفزيون في أغلب البيوت الموريتانية تبقى مفتوحة أربعة وعشرين ساعة دون توقف.


هكذا إذن أصبحت العاصمة نواكشوط التي تربو ساكنتها على المليون نسمة تفتقر إلى دور عرض سينمائي منذ حوالي ثلاثة عقود، وهو أمر غريب في عاصمة دولة في هذا القرن الواحد والعشرين قد لا تماثلها في ذلك حول العالم إلا المملكة العربية السعودية، وانحدرت الصناعة السينمائية إلى الهاوية حدا أصبحت كلمة سينما بلاء مبرما وماردا يتقيه الجميع وفي ظل هذا الحصار كانت مبررات نمو السينما في موريتانيا ضئيلة جدا وكان لا بد من وجود بديل وهكذا هاجرت العدسة الموريتانية إلى أوروبا.


ـ يتواصل...ـ


محمد ولد ادوم


ملف حول السينما في موريتانيا منشور في موقع الجزيرة الوثائقية


نفمبر 2009 على الرابط


http://doc.aljazeera.net/followup/2009/11/2009111091754596433.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق